اسلالم والأستقرار في السودان تكمن في تفكيك عناصر دولة 56 .
إن التنظيمات القديمة التي عرفتها الساحة السياسية السودانية منذ الأستقلال عام 1956 إلي حين إندلاع هذه الحرب العبثية في إبريل الماضي , كما تابعنا وعايشناه علي مدي سنوات ما بعد الأستقلال. ما هي إلا نماذج تجمعات قبلية تنتمي كلها للأقليم الشمالي , كالأحزاب اليمينية المعروفة , مثل الحزب الأمة والأتحاد الديمقراطي والأخوان المسلمين والمؤتمر الوطني, وأيضا الأحزاب اليسارية مثل الحزب الشيوعي السوداني وحزب البعث العربي الأشتراكي والحزب الناصري , وحزب المؤتمر السوداني وغيرها وهم في الأصل ليست أحزاب أيديولوجية كما يتخيلها البعض , بل هي تجمعات قبلية مختبئة وراء إيديولوجيات قديمة وبائرة . ولكن لديها إستراتيجيات متفق عليها في كيفية حكم السودان إلي الأبد بسيطرة علي الكلية الحربية التي تخرج قادة الجيش , ووضع مطبات وعقبات لمنع قبول طلاب من خارج إطارهذا الأقليم إلا بتوصية خطية من أحدهم . وهذه التكتيكات وممارسات السياسية لقد تم إقرارها وتطبيقاتها العملية منذ فجرالأستقلال, بتعاون وإتفاق مع قادة الجيش الفاسدين من أبنائهم الفاشلين أمثال ابراهيم عبود وجعفر النميري وعمرحسن البشير , وعبدالفتاح البرهان الهارب .
وإن هذه التكتيكات وممارسة القبلية السياسية لم تعد خافية لآحد , بل باتت مكشوفة ومعروفة لدي جميع فئات الشعب السوداني الواعي , وهي تهدف في المقام الأول سيطرة الشعب السوداني أعلاميا وأقتصاديا وتجويعها بما ينطبق علي المثل الشعبي ( جوع كلبك يتبعك )ولذلك أصبحت السودان في مؤخرة دول العالم برغم النعم و الخيرات الوفيرة التي تتمتع بها هذه البلاد . وهم يسعون دوما علي السيطرة كافة المواقع التي تصنع منه القرار, وبالتالي حكم علي الآخرين في الأقاليم الآخري وتوظيف خيرات السودان علي مصالحهم الخاصة , بطرق ملتوية ومخادعة بشراء الذمم و صرف علي قادة الجيش الفاسدين وأجهزتهم الأمنية , لتنفيذ لمخططاتهم الشيطانية والعمل علي الأستيلاء مقاليد الأمور بالعنف وبإنقلابات عسكرية وأحيانا بوسائل ديمقراطية عندما تندلع ثورات شعبية مطالبة بديمقراطية بشرط ألا تخرج السلطة من دائرة إطار نخبة الثالوث القبلي,( الشايقية والجعلية والدناقة ) ومحافظة عليها بكل الوسائل المتاحة . وفي سبيل تحقيق هذا الهدف يستخدمون النظرية الميكافلية ( الغاية تبرر وسيلة ) وهكذا إستمرت هذه اللعبة السيئة طيلة أكثر من ستين سنة .
ولأنهم نماذج تجمعات قبلية ينطلقون من منطلقات ضيقة وبدون الرؤية الواضحة التي ترسم الطريق وتضع الأسس والبرامج لتحقيق الهدف الوطني الذي يهدف إليه الوطنيون دوما . ولذا نجد أن قضايا السودان الكبري التي عاشها الأنسان السوداني خلال الستين سنة الماضية كلها أزمات وحروب وثورات وأنقلابات وأمراض وتفسخ وبؤس ونزوح ولجوء وفرار الشباب من أرض الجدود , لأن الحياة في السودان أصبحت جحيما لا يطاق أبدا .إن الثورة الشعبية التي إندلعت في عام 2019 كانت أهدافها واضحة من أجل إحداث التغيير في المجتمع بتحطيم هذه القواعد الظالمة وتحقيق الوحدة الوطنية وأقامة نظام ديمقراطي حقيقي يتمتع فيه الشعب بكافة الحريات الأساسية وتسوية النزاعات الوطنية عن طريق التفاوض وإقرار دستورا دائما قائمة علي مبدأ فصل السلطات , أي السلطة التشريعية والقضائية والتنفيذية وأقرار قيام دولة سيادة القانون ,والمواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات , ووضع برنامج واضح ومدروس للتنمية المتوازنة ووضع أولوية في تنمية الأنسان السوداني تقنيا وأكاديميا ومهنيا لمواكبة التطوروالنماء . ولكن للأسف إن عناصر دولة 56 المتمثلة في الفلول وبعض قادة الأحزاب التقليدية وقادة الجيش الفاسدين ومعظم عناصر( القحت ) تآمروا بإنقلاب 25 أكتوبر 2022 بهدف إقصاء الآخرين وإنفراد بالسلطة . وهكذا ببساطة تم أجهاض الثورة وشعاراتها المدوية ( حرية , سلام , عدالة ) والثورة خيار الشعب و حاولوا تحطيم كل الأشواق والأماني وتطلعات الشعب في غد مشرق.
إن هؤلاء الفلول والبلابسة وعناصر دولة 56 الذين تغلغلوا في مفاصل الجيش السوداني منذ نهاية القرن الماضي , برعاية من حكومة الأنقاذ البائدة , تحت مسميات وهمية لا وجود لها في الأرض , مثل كتائب الدفاع الشعبي وكتائب البراء بن مالك وغيرها . وقد بات مؤكدا للجميع , أن هؤلاء الفلول هم الذين أشعلوا نيران هذه الحرب العبثية في 15 أبريل لمواجهة قوات الدعم السريع بقيادة الفريق الأول محمد حمدان دقلو وتقليل من دوره الفعال ووقوفه بجانب الشعب وثورتها المظفرة . ولكن هيهات شتان ما بين الثري والثريا وخابت مسعاهم , وتم هزيمة جحافل قادة الجيش الفاسدين وآلياتهم العسكرية . وفروا جميعا من أرض المعركة كالحمر مستنفرة فرت من قسورة وصاروا أضحوكة أمام العالم وموضع سخرية وعار من الرأي العام المحلي .
وإنطلاقا من هذا المفهوم فإن دور طلائع الشعب السوداني الواعية , لا تعني دورها فقط نقد العيوب وكشف الأنحرافات وتعرية سلوكهم السيئة وإكتفاء بجهد النقد والأنتقاد والمطالبة به بل يجب الوقوف بصلابة خلف قيادة قوات الدعم السريع , والعمل علي تعميق مشاركة الجماهير ودحض الأفتراءات والأكاذيب المضللة وتحريض الشباب بضرورة أداء دوره كاملا ويشعر بمسؤوليته في هدم أركان النظام البائد التي تمثل إمتدادا لدولة 56 ويدرك حقوقه ويعي واجباته وتتفوق فيه الوطنية علي مجرد المواطنة الرسمية أو الشكلية والأنتهازية . وقد أن الأوان وضع كل مواطن أمام مسؤولياته وأن يرتقي بدوره إلي مستوي المرحلة فيتغلب علي بقايا الرواسب في نفسه ويحطم جدار الذاتية ليطل علي نافذة واسعة ويدرك أن الثورة تعني التغيير والتغيير تحتاج إلي الصبر والجهد ولذلك يجب علي الشرفاء ألا تنطلي عليهم أكاذيب البلابسة ( جماعة بل بس )الذين ينشرون خطاب الكراهية ويسعون علي أرض فسادا والعمل علي تضليل رأي العام وأحالة الحق إلي باطل والباطل ألي الحق وقلب الحقائق بطريقة مخادعة وملتوية قد تخفي علي الكثير من البسطاء . ولابد أن ندرك جميعا إن تحقيق شعارات الثورة ( حرية , سلام , عدالة ) والثورة خيار الشعب لا يتحقق بدون تفكيك عناصر دولة 56 وأقامة السودان الجديد بدون العنصرية ومتاجرة بالدين .
أدم أبو رشيد
كل التفاعلات:
١
أعجبني
تعليق
مشاركة